تكريماً للشاعر السوري الكبير نزار قباني في الذكرى التاسعة عشرة لرحيله، أقامت وزارة الثقافة احتفالية بعنوان "تحية إلى نزار" في صالة الأوبرا بدار الأسد للثقافة والفنون بدمشق، بحضور وزير الثقافة وعدد من المسؤولين.
وصدحت أصوات خمسة فنانين سوريين بأجمل القصائد المغناة للشاعر الكبير، وأحيته الفرقة الوطنية السورية للموسيقى العربية بقيادة المايسترو عدنان فتح الله.
بدايةً، غنت عبير البطل أغنية "أيظن" لنجاة الصغيرة عام 1960، من ألحان محمد عبد الوهاب، ثم قدمت سيلفي سليمان أغنية "أصبح عندي الآن بندقية" لأم كلثوم 1969 من ألحان عبد الوهاب أيضاً، وقدمت ميس حرب أغنية "كلمات" لماجدة الرومي 1990 من ألحان إحسان المنذر، بينما غنت ليندا بيطار "موال دمشقي" للسيدة فيروز 1971 من ألحان الأخوين رحباني، بينما اختتم ريان جريرة الحفل بأغنية "قارئة الفنجان" لعبد الحليم حافظ 1975 من ألحان محمد الموجي، وكان لافتاً غياب أغنيات كاظم الساهر الذي يعد أكثر من غنى لقباني.
وتضمنت الفعالية أيضاً معرضاً فنياً من وحي قصائد الشاعر الراحل شارك فيه 28 فناناً تشكيلياً وعرض فيلم وثائقي عن حياته ومحطات في مسيرة حياته.
في الختام أزيح الستار عن تمثال نصف بورتريه لقباني للنحات السوري وسام قطرميز، وتم تقديم درع تكريمي لعائلة الشاعر تسلمها ابن أخيه وحفيد العائلة الأكبر الفارس أغيد قباني.
وفي كلمة له أمام الجمهور قال وزير الثقافة محمد الأحمد: "في أشعار نزار قباني ولوج إلى روح الأمس التي تتسرب منه شفافية ضوء ولحظة دفينة وحلم بذكرى ما عادت بمتناول اليد، فآلاف القصائد النازفة بيد مبدعها أتاحت لنا فرصة متابعة داخلياتنا على أوراق دوواين كثيرة والتي كانت القبلة على جبين كل محبوب".
وأضاف: "لطالما ترجعنا أشعار نزار قباني إلى ذكريات عشناها مع قصائده التي أحببناها، حين يحضر ماضي الشعر السوري النبيل يحضر بدوي الجبل وعمر أبو ريشة وأدونيس ونديم محمد ونزار قباني الصادق الماهر الذي رفض على الدوام التموضع داخل الشعر الجامد فكان دائم الحداثة والتجديد وكان حديثاً بين الكلاسيكيين وكلاسيكياً بين أهل الحداثة".
وأشار إلى أننا نعود دوماً إلى شعره لنعرف كل ما يمكن أن نسميه بعبق المشاعر الدافئة والأحلام البعيدة والسحر الفريد الذي لم يمارسه مبدع آخر بعد نزار قباني.
هؤلاء غنوا للقباني
أول قصيدة لنزار قباني تحولت إلى أغنية هي "كيف كان" التي لحنها وغناها المصري أحمد عبد القادر خلال زيارة قام بها لدمشق عام 1953، ثم جاء دور قصيدة "بيت الحبيبة" التي لحنها وغناها نجيب السراج عام 1958.
أما الموسيقار محمد عبد الوهاب، فقد لحن قصائد عدة لنزار قباني منها "أيظن"، و"أسألك الرحيل" و"ارجع إلي" لنجاة الصغيرة، والأغنية الوطنية "أصبح عندي بندقية" لأم كلثوم. كما غنت فيروز "وشاية" و"لا تسألوني ما اسمه حبيبي"، إضافة إلى "موال دمشقي".
فايزة أحمد غنت له من تلحين محمد سلطان أغنيتها الشهيرة "رسالة من سيدة حاقدة".
أما الراحل عبد الحليم حافظ، فقد غنى قصيدتيه "رسالة من تحت الماء"، و"قارئة الفنجان" وكانت آخر ما غنى عبد الحليم عام 1976 قبل رحيله.ولم يحاول أحد بعد عبد الحليم غناء قباني باستثناء البحريني خالد الشيخ الذي لحن وغنى قصيدة "عيناك" في أواخر الثمانينيات.
في التسعينيات، قدمت ماجدة الرومي قصيدة "كلمات" التي أبدع إحسان المنذر في تلحينها، ولقيت نجاحاً كبيراً، وحقّقت شهرة واسعة، وتعتبر أيضاً من أجمل أغنيات الفنانة اللبنانية.
بعدها، قدمت أكثر من قصيدة لشاعر المرأة، لكن هذا النوع من القصائد المغناة بقي محصوراً بفئة معينة من الجمهور الذي يقبل على الفن الراقي، ويبحث عن الكلمة الجيدة واللحن في وقت كانت بداية التسعينيات تشهد انتشار ما أطلق عليه يومها بالأغنية الشبابية التي كانت تتعرّض لهجوم النقاد وتصنَّف ضمن الأغاني الهابطة. لكنّها كانت تتمتع بقاعدة جماهيرية أغلبها من الشباب والمراهقين الذين لم تكن القصائد المغناة باللغة الفصحى تستهويهم إلى أن قام كاظم الساهر بغناء قصائد نزار قباني، وقدمها بطريقة عصرية جذبت الشباب والمراهقين.
أقبل هؤلاء على هذا النوع من القصائد المغناة باللغة الفصحى، وحقق "قيصر الغناء" نجاحاً كبيراً، فغنى له ثلاثين أغنية، من بينها "إني خيرتك فاختاري"، و"زيديني عشقاً"، و"مدرسة الحب"، و"قولي أحبك"، و"أكرهها"، و"أشهد ألا امرأة إلا أنت"، و"حافية القدمين"، و"إني أحبك"، و"صباحك سكر"، و"أحبيني بلا عقد"، و"كل عام وأنت حبيبتي"، وجميعها من تلحين الفنان العراقي. وكانت "مدرسة الحب" ولا تزال من أكثر الأغنيات العربية تداولاً.
نجاح الساهر بتأدية أشعار شاعر دمشق الأول جعل عدداً كبيراً من الفنانين يغنون قصائد قباني كعاصي الحلاني الذي قدم قصيدة "القرار" عام 2002، أيضاً، استهوت قصائد نزار الفنان هاني شاكر الذي وقع خلاف بينه وبين كاظم على قصيدة "يوميات رجل مهزوم". كما قدمت أصالة قصيدة "اغضب" التي لحنها حلمي بكر.
الفنانة التونسية لطيفة طرقت أيضاً باب نزار قباني، وقدمت ألبوماً كاملاً من كلماته وألحان كاظم الساهر، إضافة إلى غنائها قصيدة سميت بـ"دمشق"
أيضاً، غنت غادة رجب قصيدة "لماذا"، أما قصيدة "حبلى" فكانت محل خلاف ولم تبصر النور حتى اليوم رغم أن صلاح الشرنوبي لحنها وغنتها الفنانة الجزائرية فلة، وتسرّبت عبر الانترنت بصوت ميريام عطا الله ثم بصوت رولا سعد.